المواعظ
%PM, %06 %474 %2017 %13:%آب

عيد التجلي - ربّنا يدعونا للصلاة معه

كتبه
قيم الموضوع
(0 أصوات)

عيد التجلي

ربّنا يدعونا للصلاة معه  (متى 17: 1- 9)

إعتاد رَبَّنَا يسوع على الصلاة إلى الله الآب، وكان يختار الأمكنة المنعزلة للصلاة أو صعود الجبل في خطوة للإرتقاء نحو الله ليكون في وحدة معه. فعلى الجبل تلقى موسى الوصايا، وعلى الجبل خاطب الله إيليا، وعلى الجبل ألقى رَبَّنَا يسوع تعليمهُ الأول على الجموع.

وفي إحدى مناسبات الصلاة هذه اختار ثلاثة من تلاميذه الذين إجتهدوا في محبتهم له، وكانوا قريبين منه، ليكونوا معه في لحظات الصلاة هذه، فأصعدهم الجبل، ولكن، التعب والنعاس غلبهم فناموا عميقا وإستفاقوا على مشهد "التجلي" إذ تجلّى رَبَّنَا يسوع أمامهم وتراءى نوراً ساطعاً وظهر إلى جانبه موسى وإيليا، فحسُنَ لهم هذا المنظر: "يا ربّ حسناً لنا أن نكون ها هنا". ولكن المسيرة خلف رَبَّنَا يسوع تتجاوز تفضيلاتنا الشخصية: أن نكون مع يسوع، فهناك ما هو أعظم: "إسمعوا له". هذه كانت كلمة الآب التي أكدّت بنوّة رّبنا يسوع، وعلى ما يطلبهُ منّا: "السماع" لربنا يسوع فالسماع له يعني إسكات بقية الأصوات ليكون هو وحده الطريق الحق للحياة. "السماع" يعني الرغبة في أن نعطي لصوت الله، رَبَّنَا يسوع المكانة التي يستحقها، فله السماع وحدهُ

فأول خطوة عملية للإحتفال بعيد التجلي هو: الإستعداد لسماع يسوع، قراءة الكتاب المقدس، الـتأمل في الإنجيل، فهذه الخطوات تغذي إيماننا وتقويه لمواجهة الصعوبات وتمييز إرادة الله. وهو أمر صعب جدا في هذه الأيام، لذا، نحن مُطالبون بالصلاة ولكن بحُسن إختيار أمكنة الصلاة أيضاً

ولكن كيف لنا أن نُصلي؟

هنا تأتي الخطوة الثانية التي تكمّل الخطوة الأولى، فمع السماع تأتي خطوة أن نشخص أنظارنا لتتوجه نحو رَبَّنَا يسوع مثلما فعل التلاميذ الذين تمنوا السكنى طويلا معه. فصعود الجبل لا يعني أبداً أننا قادرون على مواجهة تجربة التعب والكسل والنعاس، فالتلاميذ تخلّوا عن يسوع في ساعات صَلاتِهِم المتميزة، سواء أكان ذلك على جبل التجلي أم في بستان الزيتون. محبتهم له قربّتهم إليه، ولكن عليهم أن يجتهدوا في أن يبقوا ثابتين في هذه المحبّة، ليكون سماعهم "طَيِّبَا" لقلب الله

ولكن كيف لنا أن نحقق "السماع" الذي يطيبُ لقلب الله؟

هذا يبدأ من خلال تباعة رَبَّنَا يسوع وهو يصعد الجبل للصلاة، فساعة الصلاة ليست خلوة للحديث عن أنفسنا أمام الله، بل، للحديث مع الله، وهو الذي سيجعلنا نشعُّ نوراً. الصلاة إليه تطهّر حياتنا لتكون بيضاء خالية من كل حقد وعداوة وخبث ورياء. الصلاة إليه تجعلنا قادرين على تباعة رّبنا يسوع بإيمان وأمانة وحمل الصليب بإيمان. الصلاة تُطهرنا وتجعل حياتنا بيضاء كالثلج ليشع نور الله من خلالها ولا يُعيقهُ أي شي

فلننتبه ونحن نرتقي إلى الله في الصلاة لتكون صلاتنا إليه طلبَ إرادتهِ ومشيئتهِ دوماً مثلما فعل موسى، وإرادة وإستعداداً لإتمامها مثلما فعلَ رَبَّنَا يسوع المسيح. بهذا تتقدس حياتنا: أن نكون مع رَبَّنَا يسوع، أن نسمع إليه، أن نتبعهُ.  

إلهنا وملكنا طلبَ من الرُسل الثلاثة: بطرس ويعقوب ويوحنا أن يسمعوا إبنه يسوع المسيح، ومن خلالهم يدعونا جميعاً، بل يدعو العالم كلّه لكي يسمع ويطيع هذا الأبن الذي فيه النور والحياة. أن نسمعَ له على مثال مريم أمنا التي يقول إنجيل لوقا انها كانت تحفظ كلمة الله في قلبها (لو 2: 51)، والحفظ يعني أنها كانت تسمع الكلام وتتأمل فيه. أن نسمع له في أحداث حياتنا اليومية حتّى العابرة منها لأننا نؤمن بأنه الله الآب، والذي يستخدِم كل الطُرق ليصلَ إلينا. هذا السماع سيعمل على تطهير قلوبنا ويقوّي أيادينا لنترجم واقعَ متطلّباتِ إيماننا عارفين أننا سنُواجه صعوباتٍ كثيرة وتحديات صعبة.

هي دعوة إلى التوبة، إلى الصعود إلى جبلهِ للقاء شخصي معهُ، والمكوث في حضوره المنعِش والمُطَهِر. هي دعوة للصلاة معه وإليهِ، ومن خلال الصلاة سيكشُف لنا عن الطريق الذي علينا أن نسلكهُ في حياتنا. عالمنا يجرنا إليه، يشدنا بل يأسُرنا، هوذا صوتَ الربّ يدعونا لنصعدَ إليه، فيلبسنا هو ثوبَ البرارة من جديد. 

قراءة 663131 مرات

35637 تعليقات

رأيك في الموضوع

الرجاء اكمل كل الحقول المؤشرة بعلامة *