الأحد السادس من الصيف
رجِع يُمجد الله (لو 17: 5- 19)
بيّن الأبرص الشاكِر والذي شفيَّ وهو في طريقهِ إلى لقاء الكاهنِ، معنى الإيمان الذي طلبَ الرُسل من ربّنا يسوع أن ينالوا المزيد منه، فالإيمان يعني أ
الأحد السادس من الصيف
رجِع يُمجد الله (لو 17: 5- 19)
بيّن الأبرص الشاكِر والذي شفيَّ وهو في طريقهِ إلى لقاء الكاهنِ، معنى الإيمان الذي طلبَ الرُسل من ربّنا يسوع أن ينالوا المزيد منه، فالإيمان يعني أولاً: تمجيدُ الله وشُكره، وهو ما يصعبُ على الإنسان. فالشُكر هو خير تعبيرٍ عن إيمانٍ نقي بمَن نُحبهُ، ونفتخِر عالياً بأننا لولا محبتهِ ورحمتهِ ما كُنا سنكون. لذا، ولأهمية الشُكر في حياتنا، يجمعنا الله دوماً حول مذبحهِ في أفخارستيا إبنه، ربّنا يسوع المسيح، لنكون جماعة الشُكر، فالأفخنارستيا هي فعل الشُكر لأن الله اختارنا بربنا يسوع المسيح ليُبارِكنا ويجعلنا نوراً بين الأمم.
نحن واعونَ للشر الذي أصابَ العالم والإنسانية وتركَ خلفهُ ضحاياً بل كوارثَ وأمراضٍ يصعبُ شفائها إنسانياً. ونعيش في هذه الأيام مآسٍ كثيرة سببها خطيئةُ الإنسان. ويُؤلمنا كثيراً إبتعادُ الإنسان عن الله الآب، وتفكير البعض من أنه بعيدٌ عنّا وعن مآسينا، والحقيقةُ هي أنه معنا دوماً، ويعمل على عمل الخير ومد يد الرحمةِ ونشر المحبة والسلام، ولكنه يطلبُ منّا أن نكون له شاكرين دوماً. مشاعرُ الشُكر هذه ليست عباراتٍ نقولها، بل أن نلتزِم بأن نكون فعلةً آمينينَ لنُحقق تدبيرهُ الأبوي، مثلما فعلَ ربّنا يسوع. أن ندخلُ مجدهُ وذلك بأن نسعى لعملِ إرادتهِ وتحقيقها في العالم، وإرادتهُ تكمنُ في خلاص كل إنسان، والخلاص يكون في القُربِ منه، مثلما فعل الأبرص الذي شُفيَّ جسدياً، فعادَ يُمجد الله ويقترِب من ربّنا يسوع لينال الخلاص. البُرص التسعة نالوا الشفاء الجسدي، ولكنهم لم ينالوا الخلاص، حالهم حالُ كثير منّا: نعرِف الله ولكننا لسنا قريبين منه.
تحدي الإيمان الكبير اليوم هو أن نكون "شاكرينَ"، فنحن مهوسونَ بحبِ الذات إلى مرحلة نجد فيها صعوبة في التعرّف على تدبير الله في حياتنا. ألمنا الجسدي وظروفنا تجعلنا نتردد في تلفظ تعابير الشُكر، ونُكثِر من التذمّر، وكأن الله غير آبهِ بما نختبرهُ من ألمٍ وصعوباتٍ وإضطهادٍ. يروي لنا آباؤنا الرحيون عن كاهن إشتهرِ بمواعظهِ التي كانت مليئة بعباراتِ الشُكر على الكثير من النعِم التي كان يتلمسها في حياته، ويراها في حياة رعيّته. وحدث أن عاصفةً هوجاء ضربت القرية فدمّرت كل شيءٍ، فراهنَ العديد من الناس من أن الكاهن اليوم لن يجد ما يشكر الله عليه، وإذ به يبدأ عظتهِ بعبارة: "نشكركَ يا الله لأن أيام حياتنا لا تُشبهُ هذا اليوم المُتعِب". فعندما يقول لنا ربّنا يسوع اليوم: "لو كان لكم إيمانٌ مثل حبّة الخردل"، هو يعرِف أن قلوبنا لا ترى يد الآب السماوي التي ترعانا وتحفظنا من الشر الذي يُريد أن يقلعِ من قلوبنا ثقتنا وإيماننا بالله، ليجعنا أدواتَ عنفٍ وسبيلاً للخطيئة.
اليوم يتحدانا ربّنا يسوع لنتوقفَ ونتأمل حياتنا ونُسجل بإيمان شُكرنا للآب السماوي على كل شيءٍ. فلو تعلّمنا أن نشكر الله، سنتعلم أن نشكر الأب والأم والأخ والأخت والصديق على كل ما يُقدموه لنا من محبة ورعاية وإهتمامٍ، وهذا كبيرٌ في عيونَ الله. نشكر الله على إنسان يحاول أن يترك في حياتهِ إشارةً لحضور الله المُحِب، وأن لا نتردد في تمجيد الله على ذلك مهما كان ذلك صعباً علينا أحياناً، فالشُكر سيُغيّر نظرتنا للحياة، ويُعيدنا إلى الله الذي يحاول الشر أن يُبعدنا عنه. نحن مثل البُرص التسعة لنا إيمان لكنه إيمان ناقص. إيمانٌ يتراجع أمام المحِنَ والصعوبات، وإيمان ينسى أن يشكر الله وقت الفرح والفرج، متناسين أن الله يهبُ لنا الكثير، ومجاناً، مثلما فعلَ مع البرص العشرة، وهي نعمةٌ كبيرة يجب أن نشكر الله عليها.
يُحكى أن أحدهم رأى حلماً وكأنه في السماء يتجول مع الملائكة، فشاهدَ جمعاً منهم وقد تزين بالجواهر والحُلل الرائعة في جمالها، فسأل عن الحشد الملائكي، فقيل له: أن الله خلقَ لكل فضيلة ملاكاً، فهناك ملاكُ اللطفِ، وآخر ملاك الرجاء والشجاعة والصبر والسلام والنقاوةِ، وملاك الأمانة والصلاح، وملاك الفرح .... ولكنه إندهشَ من جمال ملاك لم يرى مثيلهُ، فسأل: ومَن هذا: فقالوا له: هو ملاكٌ الشُكرِ.
فلنُصلِ ليُنعِم علينا إلهنا وملكنا بإيمانٍ شاكرٍ على نعمهِ، وخاصّة شُكرنا لأننا وُلدنا مسيحيين، لنكونَ قُرب الله، ونُقرّب الناس من الله.