نسمع هذه العبارة كثيرًا: (كن أنت).. لكن في الحقيقة قليلون يعيشونها في حياتهم. (كن أنت) تعني: كن نفسك على طبيعتها ولا تكن مصطنعًا ولا ترتدِ وجهًا أو قناعًا أمام الآخرين، بل قدّم ذاتك كما هي، كما تريدها أنت، وليس كما يريدها الآخرون.
كن أنت! أي اكشف ذاتك للآخرين، وقدم صورتك الحقيقيّة لهم. لأن إحدى المشكلات التي نواجهها في حياتنا اليوميّة هي الزَّيف، أي عدم تقديم هويتنا الحقيقية بل أخرى مصطنعة لا تحمل قبسًا من كياننا وفكرنا، نتيجة هوسنا ربما بالـ(الفيكات=المصطنعات الزائفة).. (من الأصل الإنكليزي fake ويعني مزيَّف أو مُزَوّر)
كن أنت في عيشك مع الآخرين!
كن أنت في صلاتك!
كن أنت مع ذاتك!
كن أنت في علاقتك مع الله!
حينما تطبق ذلك في حياتك، ستعرف هويتك الحقيقية، هويتك الشفافة التي تحمل صورتك المشعة بوجه نظيف خالٍ من كل زيف. كن أنت، بمعنى كن فريدًا من نوعك أمام الآخر، كن متميزًا أصيلًا غير مقلَّد ولا مقلِّد، شارك كل ما تملكه من حقائق كامنة في عمق ذهنك وقلبك مع الآخر. لأنك لن تكون أنت، بروحك وشخصيتك المتميزة إلا حينما تكون واثقًا في نفسك أولاً، ومن ثم بالآخر .
حينما يستطيع أي إنسان أن يعرف ذاته ويكتشفها، يصبح قادرًا على مواجهة الحياة والتغلب على كثير من صعوباتها. حينها سيكون صاحبًا نقياً، كما يعلمنا يسوع، من خلال التواضع والمحبة والشفافية تجاه لله والقريب.
ربنا يسوع المسيح، له المجد، يريدك أن تكون أنت، قد خلقك الله فريداً من نوعك، ومن خلال هذه التفرّد يدعوك لتقدم رسالته للشعب والكنيسة. كما يدعو كل واحد منّا إلى أن يبني من ذاته إنساناً حقيقياً حاملاً رسالة المسيح وتعليمه، وينشره بأمانة وصدق للآخرين.
كن أنت في القرارات التي تتخذها في حياتك، لا تترك مجالاً لأحد ليقرر عنك، فأنت تعرف ذاتك وتعرف ماذا تريد من الحياة، عليك فقط أن تترك مجالاً واسعاً لله لكي يدخل إلى أعماقك ويساعدك في اتّخاذ القرارات، فهو يعلم جيّدًا خيرك ويرشدك لتتخذ قرارًا صحيحًا أو صائبًا.
يا رب، نسألك أن تساعدنا في كل أيام حياتنا، في أوقات الفرح أو الحزن، القلق أو الصراعات، أمام جميع المعوقات، كي نستطيع أن نتعامل معها بشكل واضح بعيد عن الإزدواجية، فنكون أنفسنا. ونطلب منك أيضاً أن تدخل إلى ذاتنا كي تزدان بمحبتك ... آمين