خبرتي مع ذوي الاحتياجات الخاصة
يسميهم البعض "معاقين"، والبعض الأخر "ذوي الاحتياجات الخاصة". يا ترى من هم؟ ومن نحن بالنسبة لهم؟ ومن هم بالنسبة لنا؟ وما هو الفرق بيننا؟ ومن عليه أن يتعلم من الأخر: نحن أم هم؟
خبرة قصيرة جداً عشتها لمدة يومين مع كادر وأخوة المحبة والفرح، خلال مشاركتي بمؤتمرهم الثالث عشر في قره قوش. راودني شعور مفاجئ غير متوقع يحمل معه علامات الدهشة والغرابة؛ فربما يظن البعض أن الحضور مع هذه الجماعة قد يولد شعورًا مليئًا بالخوف والقلق وبالتالي إلى النفور وعدم الاقتراب منهم؛ لكونهم يختلفون عن الأشخاص الذين تعودنا على رؤيتهم ومكالمتهم ومجالستهم أغلب الأوقات.
لكني هنا وبكل محبة أقول للذي يفكر بهذا الشكل إنّه على خطأ؛ فأنت عندما تكون برفقتهم تشعر معهم بجماعة تعيش قيم ومبادئ الإنسانية الحقيقية التي يريدنا الله أن نعيشها ونطمح يوماً إلى تحقيقها في عالمنا المضطرب؛ جماعة ملؤها الفرح وعلامات الابتسامة الصادقة على وجوههم لا تحمل وراءها مقصدًا أو نية خاصة؛ جماعة تُرجعك للغاية التي خلقك الله من أجلها وهي الخير ومشاركة الخالق بخلقه؛ جماعة تتعامل معك بكل عفوية وحرية دون وضع حواجز أو مواقف اصطناعية؛ جماعة تُشعرك بالسعادة والبساطة النابعة من القلب؛ جماعة تعيش الحياة بعيداً عن النفعية والمصلحة الشخصية؛ جماعة تقودك بأن تطرح مسألة الله بكل قوة ومعنى؛ جماعة تحفزك على التعمق بالسؤال: هل تبقى صورة الله مجرد أفكار وتصورات، أم نلتمس وجهه الحقيقي من خلال البشر؟؛ جماعة تشهد لحضور الله وسطهم وبقوة؛ جماعة تؤكد لك أن هناك من يحفزهم على العمل سوياً بكل محبة واحترام، دون أن يحسّوا بالنقص العقلي أو الذهني.
فعندما تلتقيهم، تراهم هم المبادرون، أذ يأتون إليك دون محسوبية أو تردد، ويمدون أيديهم بكل حب وشوق لملاقاتك. بخلاف الإنسان الطبيعي الذي يفكر كثيراً قبل التعرف أو الدخول بعلاقة مع الأخر؛ فهم يحسبوننا مثلهم من ناحية الفكر والتعامل مع الأخر بكل انسيابية وعفوية!!
نتساءل كثيرًا كيف يكلّمنا الله وبأي طريقة ! إنّها الأحداث التي تنقل لنا كلام الله ومحبته، وجماعة المحبة والفرح التي عشتُ معها هذين اليومين اللذين لا يُنسيان نقلا لي حضور الله نفسه وهو يلقي بحضنه على عنق هؤلاء الرائعين الذين لديهم احتياجات خاصّة ولكن لهم أيضًا مواهب خاصّة: عكس حبّ الله دون تشويه!